الاثنين، 16 أبريل 2012

في عام 1954 وقعت حادثتان غريبتان متشابهتان، الأولى من تدبير وتنفيذ جمال عبد الناصر، والثانية من تدبير «لافون»، وزير دفاع إسرائيل وتنفيذ شبكة جاسوسية وتخريب يهودية في مصر.

الأولى نقلاً عن مذكرات عبد اللطيف بغدادي أحد أبرز رجال مجلس الثورة، قال: "في الاجتماع المشترك (مجلس الثورة + مجلس الوزراء مارس 1954) أشار جمال إلى أن هناك ستة انفجارات قد حدثت في نفس اليوم وكلها وقعت في وقت واحد في أماكن متفرقة، واحد منها في مبنى محطة السكة الحديد، واثنان بالجامعة وآخر بمحل جروبي. وكان غرضه من الإشارة إلى هذه الانفجارات هو توضيح أن هذا قد حدث نتيجة لسياسة اللين والميوعة الظاهرة في موقف الحكومة، وكان محمد نجيب مصراً على اتخاذ الاجراءات العادية ومعارضاً في اتخاذ أية إجراءات استثنائية"

والحادثة الثانية في يوليو 1954 قامت وحدة إرهابية اسرائيلية بزرع عدد من القنابل في مؤسسات أمريكية بريطانية في القاهرة والأسكندرية وقد اعتقلت المجموعة وانتحر أحد أفرادها في السجد وأعدم اثنان في يناير 1955.

يقول موشى ديان "وثار الرأي العام الإسرائيلي وطالب بمعرفة المسئول عن هذا العمل؟ .. هل هو الضابط المسئول عن الوحدة (الإرهابية ج) أم وزير الدفاع؟ .. وأصرّ الضابط على أنه تلقى أمراً شفوياً من الوزير في اجتماع ضمهما وحدهما. بينما ادعى لافون أن الضابط تصرّف على مسئوليته. وشُكّلت لجنة تحقيق بأمر رئيس الوزراء تضم رئيس المحكمة العليا وأول رئيس أركان للجيش الإسرائيلي وكان قرارها أنها لا تستطيع أن تجزم على وجه اليقين من الذي أعطى الأمر، وهذا ألقى ظلاً من الشك على كل من الضابط ووزير الدفاع، ولذا قرر رفاقه في الحكومة وقيادة حزب الماباي أن لافون يجب أن يذهب. وكان قد قدم استقالته في 2 فبراير 1955 وقبلتها الحكومة في 20 فبراير، وفي هذا اليوم رجع بن غوريون إلى منصب وزير الدفاع".

وبدأ في التاريخ الاسرائيلي ما يعرف باسم «فضيحة لافون»، وقد كتبت الصحافة العربية الأكوام عنها، وعن فساد النظام الاسرائيلي الذي يزرع القنابة في القاهرة بدون موافقة السلطات الدستورية.. ولكن لا الصحافة الاسرائيلية ولا المصرية اهتمت بالبحث عن من زرع القنابل الأخرى في عصامة مصر، وفي أماكن شديدة الزحام لا يتجمع فيها إلا المواطنون من أبناء الشعب، باستثناء جروبّي.. الذي كانت قد زحفت إليه الطبقة الوسطى لأن البشاوات والرجعية كانوا في المعتقلات.

ومر ربع قرن دون أن يفتح أحد فمه، حتى مات سليمان، وانطلق الجن يتحدثون ويعترفون ويتذكرون، وأخبرنا عبد اللطيف بغدادي بالآتي: "اعترف جمال عبد الناصر في اليوم التالي وهو على فراش المرض، أن الانفجارات التي حدثت في اليوم السابق وأشار إليها في اجتماع المؤتمر، إنما هي مؤامرة من تدبيره لأنه كان يرغب في إثارة البلبلة في نفوس الناس.. إلخ وليشعروا بأنهم في حاجة إلى من يحميهم على حد قوله"

تشابه غريب في مشاغل القيادتين المصرية والاسرائيلية. كلاهما يريد إثارة البلبلة في العاصمة المصرية.. وكلاهما يزرع القنابل في القاهرة.. مع فارق أن المدبر الإسرائيلي عوقب بالطرد من الحياة السياسية الإسرائيلية، والمنفذين لقوا حتفهم في سجون مصر..

أما «الفاعل المصري»، فسيقام له حزب في مصر، وأقترح أن يُسمى «حزب البلبلة»!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق