الثلاثاء، 28 فبراير 2012

الاخوان والرئيس التوافقى

المشكلات المترتبة على الرئيس الإخواني أو المنسوب للتيار الإسلامي في هذه الفترة :

حين اتخذ الإخوان قرارهم بعدم ترشح إخواني أو إسلامي لمنصب الرئاسة فإنهم كانوا يدركون وبعمق حجم التحديات الداخلية والخارجية التي تحيق بالأمة في هذه المرحلة البالغة التعقيد من تاريخها :
فعلى المستوي الداخلي :
1. هي رسالة طمأنة لكل الفزعين من تغول النظام السابق وتكرار التجربة بحزب يكتسح ويعيد الناس لما قبل ثورة 25 يناير 2011 المباركة ، ويصبح الأمر حزب واحد يكتسح ويحتكر ويصبح هو الحاكم بأمره .
2. ثم الإخوان يعلمون الهوة السحيقة من الفشل والتردي في كل المستويات ، وعلى جميع الأصعدة ( اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وتعليمياً وصحياً وسياسياً ) ، وكم التردي الرهيب والذي لن يصلح علاجه أبداً على يد فصيل واحد ينفرد بسدة الحكم – إسلامياً كان أو علمانياً – لذلك فقد حرص الإخوان على إرساء مبدأ الشراكة المجتمعية بين الكل القوى الفاعلة للنهضة بهذا البلد ، ولعدم حرمان الأمة في هذا التوقيت المعقد من أي كفاءة أو جهد يمكن أن تسهم ولو بقدر في إنقاذ هذا البلد المنكوب والنهوض من كبوته .
3. ماذا لو انفرد الإسلاميون بهذه الأغلبية البرلمانية ثم شكلوا حكومة ، ثم اختير الرئيس من بينهم ، ثم فشلوا ، أو لم يشعر الناس – نتيجة كم الانهيار الموجود – بتحسن طفري على يدهم ، وهو متوقع إلى حدٍ كبيرٍ جداً ، إن هذا يعني انهيار المشروع الإسلامي ، وفشله ، خاصة في ظل موجة التربص العلماني والترصد الإعلامي الفضائي والذي آلته جاهزة للهجوم ، حتى أنهم وبعد أسبوع واحد فقط من انعقاد جلسات البرلمان بدؤوا يعقدون البرامج واللقاءات والندوات ، والتي مدار حديثها : ماذا قدمتم للشعب بعد أن انتخبكم ، حتى أن متعجليهم شرعوا يسألونه بهذه الصيغة : الناس تقول عنكم أنكم فشلتم في إحداث تغيير !!!!! ويا للعجب ، ذلك كله بعد أسبوع واحد فقط من بدء البرلمان !
ثم على المستوى الخارجي :
فالتربص الأمريكي الصهيوني الأوروبي ، والذي هو جاهز لتكرار سيناريو جبهة الإنقاذ بالجزائر ، أو حصار حماس وغزة ما هو منا ببعيد ، والتحديات الخارجية في هذه المنطقة المشتبكة من العالم في ظل السرطان الإسرائيلي المحمى من أوروبا وأمريكا ، أخطر من أن نستأسد في وقت نحن فيه أمة مستضعفة لنقفز على سدة الحكم ونواجه هذه التحديات .
ماذا لو فرض علينا الحصار نتيجة هذه الاختيارات الإسلامية المتتالية لبرلمان ثم لحكومة ثم لرئيس إخواني أو إسلامي ، أيستطيع أحد أن يتحمل تبعات ما سينجم على هذا الشعب ومنه نتيجة الضغوط الحصارية الخارجية ؟
خاصة وأغلبية من اختارنا من الشعب ، قد اختارنا على سبيل التجريب وليس على سبيل الاقتناع التام بالفكرة ، وعلى سبيل الاطمئنان العاطفي أو حتى العقلي لأمانتنا ثم لكفاءتنا ، طمعاً في نقلهم لحياة دنيوية أفضل ، وليس عن عقيدة جهادية تجعل صاحبها يتحمل كل العواصف مقابل نجاح فكرته الجهادية العقدية والتي قد تعني خسارته للدنيا مقابل ثواب الآخرة .
إن من يحمل هذا المضمون الجهادي العقدي ممن اختارنا فريق قليل جداً إن لم يكن نادر الوجود .

سادساً : إن حالة الهجوم على الإخوان وتوافقيتهم ، والتي انتابت الجميع ما هي إلا ثمرة ونتيجة لمناهج التربية والتثقيف والإعلام ، والتي مورست علينا خلال عقود مضت لتورث فينا نحن المصريين – كل المصريين – أحادية النظرة وأحادية الاستقطاب السياسي ، فإما أبيض وإما أسود ، حتى في مجال الفتاوى الشرعية التي يحتمل فيها الاجتهاد أكثر من رأي ، وفى الفنون وفى السياسة وفى الاقتصاد .
تجدنا إما يميناً وإما شمالاً ، وإذا أراد أحدنا التوفيق بين المختلفين وتقريب المسافات ، تم اتهامه بالميوعة والانحراف !
فما نراه من هذا الهجوم هو إفراز لمناهج تربية دامت سنين ، يحتاج علاجها سنيناً أخرى من مناهج مضادة ، ومن تربية ومن إعلام يتيح للناس ثقافة الاختلاف في الرأي مع بقاء الود والاحترام ، ويتيح للناس رؤية المشترك وغض الطرف عن المختلف فيه ، ويتيح للناس النظر لنصف الكوب الممتلئ ، لا الجانب السلبي وفقط .

سابعاً وأخيراً : أقول للإسلاميين المعترضين على الإخوان – رغم عدم اتخاذ الإخوان قرارهم بعد - :
رفقاً بإخوانكم ، ولا تتعجلوا ، ولا تظنوا أبداً أن الإخوان الذين جاهدوا ثمانين سنة لأجل شريعة الله سوف يتنكبوا عنها أو يضيعوها .
ولا تتعجلوا الحكم على الأشياء ، فمن قال لكم أن توافقي تعنى علماني ، ناهيك عن أن تعني معادٍ للشريعة .
ولا تظنوا أن الإخوان يمكن أن يؤيدوا أحداً يقفز على سدة الحكم ، فيضربهم ويضربكم ويضرب معكم جميعاً – بل قبلكم – شرع رب العالمين مرة أخرى ، وقد ذاقها الإخوان من قبل على يد جمال عبد الناصر ، وليس الإخوان بالسذاجة ليذوقوها مرة أخرى أبداً إن شاء الله .
وفق الله الجميع لما فيه خير مصر والإسلام والمسلمين ... اللهم آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق