اشرح لنا الحج سهلا؟ الشيخ حامد العلي
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
*** ابدأ بالإخلاص… وإنما الأعمال بالنيات :
يبدأ الحاج أولا بإخلاص النية لله تعالى ، امتثالا لأمره سبحانه بأداء الحج ، قال تعالى ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) ، إذ هو من أركان الإسلام ، وطمعا في ثوابه العظيم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) متفق عليه
وعنه أن رسول الله قال ( العمرة إلى العمرة ، كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) . متفق عليه .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد ، فقال : لكن أفضل الجهاد حج مبرور ) رواه البخاري .
وعنها رضي الله عنها قال رسول الله ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة ) رواه مسلم .
فتوجه إلى بيت الله الحرام ، تعظيما لشعائر الله تعالى ، امتثالا لطاعة الله تعالى ، رغبة في ثوابه ، خوفا من عقابه ، واجتنب الرياء والسمعة ، واحذر من طلب المكانة والمنزلة في قلوب المخلوقين ، قال تعالى ( وما لاحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ) وقال ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) .
***النفقــــــــــة الحلال :
ثم أنفق على رحلة الحج من طيب المال، والكسب الحلال ، ذلك أن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا ، ومن حج من مال حرام لم يقبل الله تعالى حجه .
***اشتراط المحرم للمرأة :
وعلى المرأة أن تجد لها محرما يرافقها ، لقوله ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) متفق عليه ، ويجب أن يكون بالغا عاقلا ، والمحرم الزوج أو من يحرم على المرأة على التأبيد ، بنسب أو رضاع أو مصاهرة وهم أربعة بالمصاهرة : أبو زوجها ، وابنه ، وزوج أمها ، وزوج ابنتها .
***في الميقــــــات :
عند الوصول إلى الميقات ، تغتسل و تتطيب في جسدك دون ثياب الإحرام ، وتزيل عنك الأظفار والشعر الذي ترغب بإزالته وكل ذلك مستحب غير واجب ، ثم تحرم قبل تجاوز تجاوز الميقات ، ومعنى الإحرام هو نية الدخول في النسك ، وليس المقصود به هو التجرد من المخيط ( والمخيط كل ثوب مفصل على قدر أعضاء الجسد مثل القميص والفانيلة والبنطلون ونحو ذلك مما فصل على قدر الأعضاء ، وليس المقصود بالمخيط ما فيه خيط ) ، بل لبس المخيط من محظورات الإحرام ، ولهذا يجب على الحاج أن لاينوي الإحرام ـ الدخول في النسك ـ إلا بعد أن يتجرد من الثياب ، ولو نوى الحاج الدخول في النسك ناسيا أن يتجرد من كــــــل الثياب ، ( مثلا نسي سروايله ولم ينزعها ) ولبس الازاء والرداء ، ثم نوى الدخول في النسك ، فإنه يصح دخوله في النسك ، ثم عليه أن ينزع عنه ما نسي أن يزيله ، ولاشيء عليه إن كان ناسيا ، والمقصود أنه يجب التفريق بين الإحرام وهو نية الدخول في النسك ، والتجرد من المخيط .
***أنواع الانساك :
ثم تقول عند نية النسك ، لبيك اللهم بعمرة ، أو بحج ، أو بعمرة وحج ، وفق النسك الذي تختاره ،
وهي ثلاثــــة أنواع :
أحدها : التمتع وهو أفضلها ، وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بعمرة ، وصفته أنك تأتي بعمرة كاملة وتتحلل منها ، تماما كما لو ذهبت إلى عمرة في غير أشهر الحج ، ثم تبقى غير محرم ، حتى إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة ، تحرم بالحج وتذهب إلى منى ، وعلى المتمتع ـ إن كان من غير حاضري المسجد الحرام أي من غير ساكني مكة أو حدود الحرم ـ أن يذبح هديا كم سيأتي بيانه .
والثاني : الإفراد ، وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بحج ، وهو أن تنوي الحج مفردا ليس معه عمرة ، وفي هذه الحالة تبقى على إحرامك حتى تتحلل يوم النحر كما سيأتي بيانه .
والثالث القران : وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بعمرة وحج، ولافرق بين الإفراد والقران في أعمال الحج ، وإنما يفترقان في أمرين :
أحدهما: النية ، فالقارن ينوى الحج مع العمرة ، إن طاف نوى أن يكون طوافه طواف حج وفي نفس الوقت هو طواف عمرة ، وإن سعى نوى بسعيه سعي حج وهو في نفس الوقت سعي عمرة ، كما ينوي داخل المسجد تحيته وركعتي الفجر في نفس الوقت على سبيل المثال .
الثاني : أن القارن عليه هدي ، والمفرد لاهدي عليه .
فإن اخترت أحد هذه الانساك ، ولبيت به ، فإن كنت مريضا أو تخشى من حدوث طارئ يمنعك من إتمام الحج ، فاشترط قائلا ( لبيك اللهم بعمرة ــ أو حج أو عمرة وحج ــ ومحلي حيث حبستني ) لقوله لضباعـة بنت الزبير( حجي واشترطي وقولي : اللهم إن محلي حيث حبستني ) متفق عليه .
وفائدة هذا الشرط أنك إذا حال بينك وبين إتمام الحج عذر شرعي ، خارج عن إرادتك ، مثل مرض أقعدك عن إتمام العج ، أو حادث سيارة على سبيل المثال ، أو منعك مانع من إتمامه بعدما دخلت في الإحرام ، فإنك تتحلل من إحرامك وتلبس ثيابك ولاشيء عليك ، وترجع إلى بلدك ، حتى يتيسر لك الحج مرة أخرى .
والدليل على أن الحاج مخير بين الانساك الثلاثة قول عائشة رضي الله عنها ( فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج ومنا من أهل بهما ) متفق عليه .
والدليل على أفضلية التمتع أمر النبي لاصحابه بذلك ، وقوله (لولا أني سقت الهدي لفعلت مثل ما آمركم به ) متفق عليه من حديث جابر رضي الله عنهما .
وكان قارنا ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول أتاني آت من ربي ، فقال صل في هذا الوادي المبارك ، وقل عمرة في حجة ) رواه احمد والبخاري وغيرهما .
وذلك أنه كان قد ساق الهدي معه ــ أي جاء به معه من خارج الحرم والهدي هي الأنعام التي تجلب للحرم ، سميت بذلك لأنها تهدى إلى الحرم لفقرائه ــ فمنعه ذلك من أن يكون متمتعا ، وكذلك يستحب لمن جاء بهديه من خارج الحرم أن يكون قارنا .
والأفضل لمن حج مفردا أو قارنا أن يتحلل بعد طواف القدوم والسعي وينوي أن ما فعله عمرة ، ويتحول إلى التمتع لان النبي أمر أصحابه بذلك متفق عليه .
***هل للإحرام صلاة مخصوصة :
ولم يرد دليل على استحباب ركعتين للإحرام بخصوصه ، إلا أن يصلى المحرم نافلة أخرى وافقته بعد إحرامه أو قبله ، أو يحرم بعد صلاة الفريضة إن أدركته كما فعل النبي فذلك حسن .
*** محظورات الإحرام :
وعليك أن تتجنب محظورات الإحرام ، حتى تتحلل من إحرامك .
وهي تسعة محظورات يجب على المحرم بحج أو عمرة أن يتجنبها :
*أولا : تعمد لبس المخيط بالنسبة للرجل ــ وقلنا إن المخيط هو كل ما فصل على قدر أعضاء الجسد من الثياب ، وليس هو ما فيه خيط ــ لقوله صلى الله عليه وسلـــــم ( لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ، ولا البرنس ولا السروايل ولاثوبا مسه ورس ولازعفران ) متفق عليه , ويدخل في المخيط ، لبس الخفين أو الجوربين فلا يجوز ذلك للمحرم ، إلا إن لايجد نعلين ، فيجوز له أن يلبس الخفين ، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما سمعت رسول الله يخطب بعرفات : (من لم يجد إزارا فليلبس سراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين ) متفق عليه .
ولابأس أن يلبس المحرم النظارة والساعة والحزام الذي يشد به إزاره ويحفظ فيه نفقته ولو كان فيه خيوط ، ولابأس أن يلبس نعلين فيهما خيوط ، أو يكون طرف ردائه أو إزاره مخيط ، كل ذلك جائز .
*ثانيا : تغطية الرأس من الرجل ، ولاباس أن يستظل بخيمة أو مظلة ( شمسية ) أو سقف السيارة ونحو ذلك ، لحديث أم الحصين قالت حججنا مع رسول الله حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا أحدهما آخذ بخطام ناقة النبي والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة ) رواه أحمد ومسلم .
و تغطية الوجه للأنثى ، ولكن تسدل على وجهها لحاجة لقوله ( لاتنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ) متفق عليه ، وعن عائشة رضي الله عنها ( كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة .
*ثالثا : قصد شم الطيب ومسه واستعماله في أكل وشرب بحيث يظهر ريحه ، ولابأس أن يتطيب قبل الإحرام في بدنه دون ثيابه ، حتى لو استمر هذا الطيب إلى بعد الإحرام ، فذلك جائز ، لانه وضع الطيب قبل الإحرام لا بعده ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله بعد أيام وهو محرم ) متفق عليه .
*رابعا : إزالة الشعر من البدن عمدا ، ولابأس إن سقط شيء من الشعر بغير قصد بسبب الامتشاط أو الاستحمام ونحو ذلك ، ويجوز للمحرم أن يستحم بالماء والصابون الذي لا يكون فيه عطر ، فقد روى أبو أيوب الأنصاري أن النبي غسل رأسه وهو محرم وحرك رأسه بيديه فاقبل بهما وأدبر متفق عليه ، ويجوز له أن يبدل ثياب الإحرام التي احرم فيها أولا ، بأخرى نظيفة ليس فيها طيب ، كل ذلك جائز .
ويجوز للمحرم أن يحلق رأسه لعذر ، أو يلبس ثوبا لعذر ، مرض أو نحوه ، وعليه أن يفدي في هذه الحالة ، وذلك بأن يذبح شاة لفقراء الحرم ، أو يطعم ستة مساكين من مساكين الحرم لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره ، أو يصوم ثلاثة أيام ولا يشترط أن يكون الصيام في الحرم .
*خامسا : تقليم الأظافر ، فإن انكسر الظفر فلابأس بإزالته .
سادسا : صيد البر الوحشي المأكول ، ومعنى الوحشي أي غير الأليف ، والأليف مثل الدجاج والمعز والضان والبقر والإبل ، والوحشي مثل الغزال وحمار الوحش والأرنب ، ويجوز صيد البحر .
*سابعا : عقد النكاح ولا يصح ، وكذلك الخطبة فلاتجوز في أثناء الإحرام .
*ثامنا :الوط ء في الفرج .
تاسعا : دواعي الجماع ، والمباشرة دون الفرج والاستمناء .
فإن وقع المحرم بشيء من محظورات الإحرام ناسيا أو جاهلا فلاشيء عليه ، وإن فعل شيئا من ذلك عامدا ، ففيه الفدية وهي التخيير بين إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم ، لكل مسكين مد من البر ( القمح ) أو نصف صاع من غير البر ، أو ذبح شاة لمساكين الحرم ، أو صيام ثلاثة أيام في أي مكان .
ويستنثى من ذلك ثلاثة أشياء :
أحدها : الصيد ففيه جزاء الصيد ، سواء تعمد صيده أم لا .
والثاني : الجماع في الفرج ففيه تفصيل سيأتي لاحقا إن شاء الله تعالى .
والثالث : عقد النكاح أو الخطبة فليس فيهــا فدية مع أنهما من محظورات الإحرام.
***التلبيـــة :
ثم تنطلق إلى المسجد الحرام ، ملبيا من أول دخولك الإحرام و أثناء الطريق قائلا ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لاشريك لك ، لبيك إن الحمد والنعمـــة لك والملك لاشريك لك ) كذا روى التلبية عبد الله بن عمر رضي الله عنه في الصحيحين .
يرفع الرجل صوته ، لحديث السائب بن خلاد قال : ( أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ) رواه الخمسة .
وتخفض المرأة صوتها ، واحرص أن تردد هذه التلبية على قدر استطاعتك وجهدك ، فذلك من أفضل أعمال الحج ، قال ( أفضل الحج العج والثج ) رواه الترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، والعج أي رفع الصوت بالتلبية .
***دخول المسجد الحرام :
فإذا وصلت البيت أي الكعبة ، فيستحب لك أن يكون أول شيء تفعله عند دخول المسجد الحرام ، أن تقول دعاء دخول المسجد ( اللهم صل على محمد ، اللهم افتح لي أبواب رحمتك ) ، ثم تتجه إلى الحجر الأسود للطواف .
ولم تصح الأحاديث التي فيها رفع اليدين عند رؤية البيت ، وكذا لم يصح في ذلك دعاء مخصوص ، غير دعاء دخول المسجد .
***الطـــواف :
*أولا : ويشترط أن تكون حال الطواف ساترا للعورة ، طاهر الثياب والبدن ، ويشترط له الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر ، وذلك كله عند جمهور العلماء .
واحتجوا بحديث ( إن الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه ) رواه الترمذي وغيره ، وبحديث عائشة رضي الله عنها ( افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) متفق عليه .
*ثانيا : وإن كنت متمتعا ، فإنك تنوي بطوافك أنه طواف عمرة .
وإن كنت قارنا نويت أنه طواف القدوم ، على أن تطوف طواف العمرة والحج ، بعدما تأتي من مزدلفة يوم النحر , ويجوز لك أن تسعى بعد طواف القدوم هذا ، وتنوي به أنه سعي عمرتك وسعي حجك في نفس الوقت ، وتكون في هذه الحالة قد قدمت سعي العمرة والحج على طوافهما الذي ستفعله يوم النحر ، ويجوز لك أن تؤجل السعي إلى يوم النحر عندما تطوف طواف عمرتك الذي تنوي به أيضا أنه طواف حجك ، فتسعى بعد ذلك سعي عمرتك الذي هو سعي حج ، وبذلك تقرن أفعال العمرة بالحج .
وأما إن كنت مفردا فإنك تنوي أنه طواف القدوم فقط ، ويجوز لك أيضا أن تقدم سعي الحج فتسعى بعد طواف القدوم ، ولا يكون عليك سعي أخر إذا طفت طواف الحج يوم النحر ، كما سيأتي بيان ذلك .
فإن طفت و لم تنو شيئا نسيانا أو جهلا ، فلاشيء عليك وطوافك صحيح .
*ثالثا : و معنى الطواف ببيت الله تعالى ، إظهار عظيم حبك له إذ تعلق قلبك بمحبته حتى قادتك تلك المحبة العظيمة إلى التطواف حول بيته مرارا في صورة الإلحاح عليه ، من أجل أن يقبلك في حضرته ، ويقربك من محبته ، ويتجاوز عن تقصيرك في حقه ، وكلما استحضرت هذا المعنى الجليل ، كان ثوابك أعظم عند الله تعالى
*رابعا : وتكون مضطبعا في هذا الطواف استحبابا ، ومعنى الاضطباع أي تجعل وسط ردائك تحت عاتقك الأيمن ، وطرفيه على عاتقك الأيسر، كما فعل النبي ، وليس كل طواف فيه اضطباع ، وإنما طواف العمرة وطواف القدوم للحج ، وأما طواف الإفاضة فحتى لو طافه الحاج وهو محرم ، لا يكون فيه اضطباع ، ويستمر الاضطباع إلى آخر الطواف .
عن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت ، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى ) رواه أبو داود وغيره.
*خامسا : ويستحب هنا أن يرمل الطائف أول ثلاثة أشواط ، والرمل هو الإسراع مع مقاربة الخطى ، ويكون الرمل في كل طواف فيه اضطباع ، ولا يكون في طواف ليس فيه اضطباع ، وقد قال جابر رضي الله عنها في وصف حجة النبي ( حتى أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ) رواه مسلم .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا ) متفق عليه ، والطواف الأول هو القدوم ، وخب أي رمل .
*سادسا : ويجب أن تطوف سبعة أشواط كاملة لاتسقط منها خطوة ، تبدأ من الحجر الأسود وتنتهي بالحجر الأسود .
وتجعل البيت على يسارك ، واحذر أن تطوف وأنت مستقبل البيت أو جاعله عن يمينك ترجع القهقرى ، وحتى لو كنت محمولا يجب أن تجعل البيت عن يسارك .
*سابعا : فإن شككت في عدد الأشواط ، تعمل بغالب الظن ولاشيء عليك ، فإن لم يكن لديك ظن غالب ، واستوى الطرفان ، فاجعل العدد هو الأقل ، لانه المتيقن ، مثلا شككت هل طفت ثلاثة أشواط أو أربعة ، فاجعلها ثلاثة ، فإن جاءك الشك بعد انتهاء الطواف ، فلا تلتفت إليه لان الشك بعد العبادة لا يلتفت إليه مادام مجرد شك
*ثامنا : وعندما تبدأ من الحجر الأسود تحاذيه ببدنك ، ثم تستلمه و تقبله إن استطعت ، أو تستلمه و تقبل يدك ، فإن لم تستطع لشدة الزحام ، تشير إليه بيدك ولاتقبل يدك في حالة الإشارة ، وتكون الإشارة باليد اليمنى ، تستقبل الحجر وتشير بيدك اليمنى قائلا الله أكبر ، وتفعل ذلك كله وفق هذا الترتيب كلما حاذيت الحجر الأسود في أثناء طوافك ، وذلك إن تيسر لك ، ولاتزاحم الناس فتؤذيهم .
*تاسعا : ويستحب استلام الركن اليماني باليد ، فإن لم تستطع فلا تشير إليه من بعيد ، ولم يرد أن النبي قال شيئا عند استلامه ، ويستحب أن تقول بين الركن اليماني والحجر الأسود ( ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) وأن تكثر من ذكر الله تعالى والاستغفار والدعاء في أثناء الطواف .
*عاشرا : واحذر أن تطوف من داخل الحجر ، وهو الجزء الذي حوله حاجز رخامي يشبه شكل الهلال خلف أحد جدران الكعبة ، بل يجب أن تكمل طوافك من وراءه ، لانك لو أكملت الطواف من داخله ، فكأنك دخلت الكعبة في جزء من طوافك ، ولم تطف حولها ، ويجب على من فعل ذلك إعادة الطواف .
*حادي عشر : وإذا أقيمت الصلاة وأنت تطوف ، أو حضرت جنازة ، أو أردت شرب الماء ، ونحو ذلك فإنك تتم الطواف بعد ذلك من حيث وقفت ، إلا إذا أطلت الفصل بين الأشواط ، فإن فعلت فابدأ من جديد ، لان الموالاة بين أشواط الطواف شرط في صحته ، وكذا إذا انتقض وضوءك في أثناء الطواف فيجب عليك أن تعيده من جديد ، إذا قلنا بأن الوضوء شرط لصحة الطواف ، وهو الاحوط .
*ثاني عشر : وبعد انتهاء الطواف ، ينتهي الاضطباع ، كما ينتهي الرمل بنهاية الشوط الثالث من الطواف ، و يستحب للطائف بعد نهاية الشوط السابع ، أن يتوجه إلى مقام إبراهيــم عليه السلام ويقول ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) ثم يصلي ركعتين ، ويستحب أن يقرأ فيهما سورة الكافرون ( قل يا أيها الكافرون ) في الركعة الأولى ، وسورة الإخلاص ( قل هو الله أحد ) في الركعة الثانية ، والأفضل أن يصليهما خلف مقام إبراهيم عليه السلام ، فإن لم يتيسر ذلك لشدة الزحام ، ففي أي موضع من المسجد الحرام .
*ثالث عشر : ويستحب للطائف الوقوف بالملتزم وهو ما بين الحجر والباب ، فيجعل خده وصدره على حائط الكعبة في ذلك الموضع الشريف ، ويدعو الله تعالى.
*رابع عشر : ويستحب إذا أردت أن تسعى بعد ذلك أن تعود إلى الحجر فتستلمه إن استطعت قبل أن تنطلق إلى المسعى .
*خامس عشر : وصح عن النبي أنه بعدما أنهى طوافه في حجته ذهب إلى زمزم فشرب منها وصب على رأسه ثم رجع إلى الركن فاستلمه رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه .
*شرب ماء زمزم :
والدعاء عند شرب زمزم مستحب ومستجاب قال ( ماء زمزم لما شرب له ) رواه أحمد وابن ماجة من حديث جابر رضي الله عنه .
***السعي بين الصفا و المروة :
تتوجه بعد ذلك إلى الصفا ، لتسعي بين الصفا والمروة .
ويجوز لك إن كنت قارنا أو مفردا أن تعجل السعي بعد طوافك طواف القدوم ، فإذا كنت قارنا سيكون هذا السعي المعجل هو سعي حجك وعمرتك اللتين ستطوف طوافهما يوم النحر ، وإن كنت مفردا يكون سعي حجك الذي ستطوف طوافه يوم النحر أيضا ، وهذا أيسر عليك لانك ربما تكون مرهقا يوم النحر بعد وقوفك بعرفة وبياتك بمزدلفة ، فتكتفي بالطواف في هذه الحالة لانك قدمت السعي عند قدومك ، ويجوز لك أيضا أن تؤجل السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة يوم النحر ، فتسعى بعده سعي حجك وعمرتك إن كنت قارنا ، وسعي حجك إن كنت مفردا
مسائل السعــــــــي :
*أولا : إن كنت متمتعا ، أي تريد أن تعتمر ثم تحج بعد التحلل من عمرتك ، فهذا السعي هو سعي عمرتك ، وإن كنت قارنا أو مفردا ، فهذا السعي تنوي به أنه سعي حجك وعمرتك إن كنت قارنا ، وسعي حجك إن كنت مفردا ، هذا إذا أردت أن تقدم السعي ، ويجوز لك تأخيره كما أسلفنا .
*ثانيا : تبدأ من الصفا ، فإذا دنوت من الصفا يستحب لك أن تتلو قوله تعالى ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلاجناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ) وتقول أبدأ بما بدأ الله به ، وترقى الصفا حتى ترى الكعبة إن استطعت ، فإن لم تستطع ذلك ، فالواجب أن تضع قدمك عند أول الارتفاع إلى الصفا ، لتكون بدايتك من أول الصفا ، لان قطع كل المسافة بين الصفا والمروة واجب لا يصح السعي إلا به .
*ثالثا : فإذا رقيت على الصفا فاستقبل الكعبة ، وارفع يديك للدعاء ، وابدأ قائلا الله أكبر ثلاث مرات ، ثم تقول لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ثم ادع الله بما شئت من خير الدنيا والآخرة ، ثم أعد هذا كله ثلاث مرات ، ويستحب أن تطيل في الدعاء ، فإنه موضع أطال فيه النبي الدعاء .
*رابعا : فإذا فرغت من الدعاء ، انزل ماشيا ، إلى أن تصل إلى العلم الأول ، وقد وضع لذلك إشارة خضراء ، فإن بلغته ، فيستحب لك أن تسعى سعيا شديدا ، حتى تصل إلى العلم الثاني ، وقد وضع لذلك أيضا إشارة خضراء ، ثم تمشي بعد ذلك ، حتى ترقى على المروة ، فتفعل على المروة مثل ما فعلت على الصفا ، فإن لم تستطع ذلك ، فالواجب أن تنتهي عند أول ارتفاع من الأرض على المروة ، من أجل أن تكون قد قطعت كل المسافة بين الصفا والمروة .
وتستطيع أن تستدل على مقدار المسافة التي يجب قطعها بين الصفا والمروة ، بممر العربات ، فعند انتهاءه تنتهي المسافة الواجب قطعها ، ولكن يستحب أن ترقى على الصفا والمروة كما فعل النبي .
*خامسا : ويجب أن تسعى سبعة أشواط ، و تكون البداية من الصفا والنهاية عند المروة ، فالمسافة بينهما شوط واحد ، حتى إذا انتهيت من آخر شوط على المروة ، فقد أتممت السعي .
*سادسا : ويستحب لك أن تكون في أثناء السعي ، ذاكرا لله تعالى بأنواع الذكر من قراءة القرآن والاستغفار والتسبيح والتهليل ، كما يستحب الوضوء ولا يجب ، فإن كنت غير متوضأ جاز لك أن تسعى من غير وضوء.
*سابعا : ولا تجب الموالاة بين أشواط السعي ، فيجوز لك أن شعرت بتعب ، أن تستريح ثم تعود فتكمل على ما سبق ، حتى لو طال الفصل ، فلا بأس بذلك .
*ثامنا : كما لا تجب الموالاة بين الطواف والسعي ، فيجوز لك بعد الطواف أن تستريح إن احتجت إلى ذلك ، ثم تعود إلى السعي بعد ذلك .
***الحلق والتقصير :
بعد ذلك يجب عليك إن كان حجك ، حج تمتع ، أن تقصر من شعرك ، وذلك بأن تقص من جميع الشعر ، لا من أطرافه كما يفعل الجهال ، والحلق أفضل ، ولكن لانك سوف تحلق رأسك عند التحلل من حجك ، فالأفضل هنا أن تقصر فقط إلا إن كنت قدمت مبكرا في شهر شوال مثلا فالحلق أفضل ، لان شعر رأسك ، سيتوفر إلى العاشر من ذي الحجة .
أما إن كنت قارنا أو مفردا للحج ، فلا تقصر ولا تحلق ، لانه يجب عليك أن تبقى على إحرامك حتى تتحلل من الحج في يوم النحر .
والمرأة تقص من طرف شعرها قدر أنملة .
***قطع التلبية للمعتمـــر والحــاج :
وإن كنت متمتعا فإنك تقطع التلبية إذا شرعت في الطواف ، وأما إن كنت قارنا أو مفردا فإنك التلبية لا تنقطع إلا برمي جمرة العقبة يوم النحر .
***التوجه إلى منى يوم الترويـــة:
إذا جاء يوم الثامن من ذي الحج ، وهو يوم التروية ، سمى بذلك لان الناس كانوا يتروون الماء في ذلك اليوم ، لحاجتهم إلى الماء في منى والمشاعر ، إذا جاء هذا اليوم ، تحرم قبل الزوال بالحج من أي مكان من الحرم أنت نازل فيه .
وأما إن كنت قارنا أو مفردا ، فإنك لم تزل على إحرامك ، ثم تتوجه إلى منى فتصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، تقصر الصلاة الرباعيـــــة ــ إن كنت ممن يقصر الصلاة ــ والأفضل أن تصلي كل فرض لوقته بلا جمع ، وتبيت بمنى ليلة عرفة ، وهذا المبيت سنة ليس بواجب ، وقد فعله النبي .
من أين يحرم الحاج والمعتمر في مكة :
والحاج يحرم بالحج من أي مكان من مكة ، فقد أحرم أصحاب النبي من منزلهم الذي نزلوه في مكة وهو الابطح ، متفق عليه ، وأما المعتمر فيحرم من أدنى الحل ، كما أمر النبي عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة رضي الله عنها إلى أدنى الحل لتحرم بالعمرة متفق عليه ، وسواء كان الحاج والمعتمر من أهل مكة أو جاء إليها من خارجها .
***إلى عرفـــــــة :
ثم الأفضل أن تصلي الفجر في منى بعد البيات فيها ، وتبقى حتى تطلع الشمس ، ، ثم تسير من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس ، ويسن لك أن تنزل بنمرة وهو موضع بجانب عرفة ، حتى إذا زالت الشمس ، تدخل إلى عرفة ، وتسمع خطبة الإمام ، وتصلي الظهر والعصر قصرا وجمع تقديم ، وتبقى في عرفة إلى الغروب ، يستحب لك في أثناء ذلك أن تكثر من الدعاء والتلبية وذكر الله تعالى .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) رواه أحمد والترمذي .
والوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم ، من فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج قال ( الحج عرفة من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فقد تم حجه ) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم .
القدر الواجب من الوقوف بعرفة
ويجب على كل حاج أن يقف بعرفة أي وقت من النهار أو الليل من أول طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر ، فمن فاته دخول عرفة في أثناء ذلك ولو للحظة فقد فاته الحج ، ومن وقف بها ولو مرورا ، فقد أدرك الحج ، ولكن من دخلها من النهار يجب عليه أن يجمع مع ذلك جزءا من الليل ولو لحظة ، فيخرج عند غروب الشمس لا قبلها ، فإن خرج من عرفة قبل الغروب يجب عليه أن يعود فيبقى إلى الغروب ، فإن لم يفعل صح حجه ولكن عليه دم شاة يذبحها بمكة في حدود الحرم لفقرائه ، وذلك لتركه الواجب ، وإن لم يتيسر له الوقوف إلا ليلا أجزأه ذلك ولا شيء عليه .
عن عروة بن مضرس قال ( أتيت رسول الله بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة ، فقلت : يا رسول الله إني جئت من جبل طيء ، أكللت راحلتي وأتعبت نفسي ، والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله : من شهد صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا ، فقد تم حجه وقضى تفثه ) رواه الخمسة
ويجب أن يكون مسلما عاقلا محرما ولو كان نائما أو جاهلا أنها عرفة .
وفي أي مكان وقفت من عرفة أجزأك ، والوقوف عند جبل الرحمة ليس واجبا ، كما يظنه الجهال ، ويتزاحمون عليه ، يظنون أن في ركوبه أجر ، فيشقون على أنفسهم بغير طائل ، بل في أي مكان وقفت من عرفة فقد أجزأ ، قال وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه .
***إلى مزدلفـــــــــــــــــة :
فإذا غربت الشمس ، ادفع إلى مزدلفة وعليك بالسكينة ، فإذا وصلتها اجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير فإن النبي أول شيء فعله في مزدلفة جمع صلاتي المغرب والعشاء ، ثم عليك أن تبيت بها وتصلي فيها الفجر ، حتى لو تأخرت فلم تصل إليها إلا فجرا بسبب زحمة الطريق ، فعليك أن تصلي فيها الفجر ، ولاشيء عليك في هذه الحالة ، لانك معذور ، فإذا صليت الفجر ، استحب لك أن تذهب إلى المشعر الحرام ــ مرتفع صغير في مزدلفة ـ وأن تبقى ذاكرا لله تعالى حتى يسفر الوقت جدا، هكذا فعل كما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه ، فإن لم يتيسر لك الذهاب إلى المشعر الحرام ، فاذكر الله تعالى وادعوه في مكانك الذي أنت فيه من مزدلفة ، ويستحب أن تذكر الله حتى يسفر جدا ، وتدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس ، عن عمر رضي الله عنه ( كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير فخالفهم النبي فأفاض قبل طلوع الشمس ) رواه الجماعة إلا مسلما .
ثم تخرج من مزدلفـــــــــــة إلى منى .
ويجوز لك أن تدفع من مزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل إن كنت من الضعفاء ، كالمرضى الصغار وكبار السن والنساء وأهل الأعذار ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كنت فيمن قدم النبي في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى ) متفق عليه .
وعن عائشة قالت ( كانت سوده امرأة ضخمة ثبطة ( بطيئة الحركة ) فاستأذنت رسول الله أن تفيض من جمع بليل فإذن لها ) متفق عليه
***إلى منى لرمي جمرة العقبـــة :
ثم تدفع من مزدلفة إلى منى ، متوجها إلى جمرة العقبة ، فإن كان طريقك من وادي محسر ، وهو واد بين مزدلفة ومنى استحب لك أن تسرع السير ، غير أن هذا لا يتيسر الآن بسبب زحمة السيارات ، فإذا وصلت إلى جمرة العقبة ، فارمها بسبع حصيات ، يجب عليك أن تسقط كـل حصاة في الحوض رميا ـ لاوضعا باليد ـ ، ولا يجب أن تصيب الشاخص ، كما يظن ذلك الجهال ، يرمون الشاخص حتى تضربه الحصاة ، فترتد بعيدا عن الحوض ، ومثل هذا لا يصح ولا يجزيء ، لان الشاخص إنما وضع لتستدل به على الحوض فقط ، وليس ليكون هدفا للرمـــــــي .
ويجب أن تنتبه إلى أن حوض جمرة العقبة إنما هو من جهة واحدة فقط ، فاحذر أن يكون رميك الحصى من الجهة الأخرى التي وضع لها حائط إسمنتي كبير ، بل من الجهة التي فيها الحوض فقط ، فترمي الحصى حتى تسقط في الحوض
ويستحب أن تكبر مع كل رمية .
وجميع الحاج يوقف التلبية عندما يرمي جمرة العقبة .
عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما ( كنت رديف النبي من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة ) رواه الجماعة .
ولك أن تلتقط الحصى من أي مكان ، حتى من منى ، ولم يصح عن النبي شيئا في تحديد مكان دون غيره يستحب أن يلقط فيه الحصى .
وتكون الحصى بين الحمص والبندق ، قال جابر رضي الله عنـه ( مثل حصى الخذف ) رواه مسلم ، ولايجزيء غير الحصى كالحديد وغيره .
وأفضل وقت الرمي بعد طلوع الشمس ضحى ، ويجوز بعد الفجر ، ولا يجوز قبله ، إلا للضعفاء وأهل الأعذار الذين دفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل ، ومن يقوم على أمرهم له حكمهم ، فيجوز لهم أن يرموا عند وصولهم ولو قبل الفجر ، لحديث عائشة قالت أرسل رسول الله بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم أفاضت ، رواه أبو داود وغيره .
والأولى أن لا يرموا إلا بعد طلوع الشمس أيضا فعن ابن عباس رضي الله عنه قال ( قدمنا رسول الله ، ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على جمرات ، فجعل يلطخ أفخاذنا ، ويقول : أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس ) رواه أبو داود والنسائي .
***أعمال يوم النحر، يوم الحج الأكبــــر :
ثم بعد ذلك تنحر هديك إن كان عليك هدي بأن كنت متمتعا أو قارنا ، أما المفرد فلا هدي عليه ، ووقت النحر يمتد إلى آخر أيام التشريق ، ويجب أن يكون في حدود الحرم ، فلا يجوز نحر الهدي في عرفة مثلا أو أي مكان من الحل ، ويجوز ليلا أو نهارا من أيام التشريق ، وليس له اثر في تحلل الحاج .
ومن لا يقدر على شراء الهدي ، يصوم ثلاثة أيام في الحج ، قبل يوم النحر أو في أيام التشريق ، ولا يجوز لاحد أن يصوم أيام التشريق إلا من لم يجد الهدي من الحجاج ، ويصوم سبعة إذا رجع إلى أهله .
ولايجزيء في الهدي إلا الجذع من الضأن وهو ماله ستة شهور فأكثر ، والثني من المعز والبقر والإبل ، وهو من المعز ماله سنة فأكثر ، ومن البقر وهو ماله سنتان فأكثر ، ومن الإبل وهو ماله خمس سنوات فأكثر ، وتجزيء البقرة والبدنة عن سبعة .
ثم تحلق أو تقصر من شعرك والحلق أفضل ، والمرأة تقص من طرف شعرها قدر أنملة ، وقد دعا النبي للمحلقين قائلا رحم الله المحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة متفق عليه .
والأفضل أن يبدأ المحلق من جانب الرأس الأيمن ثم الأيسر رواه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه .
ثم تنطلق إلى البيت لتطوف طواف الإفاضة ، وهو طواف الحج ، ويسمى أيضا طواف الزيارة ، وليس في هذا الطواف اضطباع ولا رمل .
وبعد الطواف تسعى بين الصفا والمروة إن كنت متمتعا ، أو كنت قارنا أو مفردا ولم تسع بعد طواف القدوم ، فيجب عليك أن تسعى هنا .
فالمتمتع يسعى سعين ، سعي لعمرته وسعي لحجه ، وأما القارن والمفرد فيسعيان سعيا واحدا ، لحديث عائشة رضي الله عنها ( وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فقد طافوا طوافا واحدا ) تعني الطواف بين الصفا والمروة وهو السعي ، متفق عليه .
ويجوز لاهل الأعذار أن يطوفوا بعدما يدفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل .
ويجوز لك أن تأخر طواف الإفاضة إلى آخر شهر ذي الحجة إن شئت ، ولكنك في هذه الحالة لاتكون قد تحللت الحل كله ، بل يجب عليك أن تعتزل النساء حتى تطوف طواف الإفاضة .
ويجوز لك أن تقدم أو تأخر بين هذه الانساك ، إذ لايجب فيه الترتيب كما ذكر آنفا ، بل الترتيب مستحب .
عن ابن عباس رضي الله عنها قال إن النبي قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير ، فقال لاحرج متفق عليه .
وأما النبي فرمى أولا جمرة العقبة بعد طلوع الشمس ضحى ، ثم نحر هديه ، ثم حلق رأسه ، ثم طاف بالبيت وصلى الظهر بمكة ، ثم رجع منى فصلى بها الظهر مرة أخرى أيضا نافلة .
عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله ( أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى) متفق عليه ، وفي حديث جابر أن النبي انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر رواه مسلم ، وجمع بينهما الإمام النووي رحمه الله أنه صلى بمكة الظهر ، ثم رجع فصلى الظهر إماما لأصحابه في منى أيضا
***التحلل الأكبر والأصغـــــر :
وإذا فعلت اثنين من هذه الثلاثة وهي رمي جمرة العقبة ، والحلق أو التقصير ، وطواف الإفاضة ، فقد حل لك كل شيء إلا النساء ، ويسمــى التحلل الأصغر.
فإن فعلت ما بقي مع السعي إن لم تكن قد سعيت من قبل ، فقد حل لك كل شيء حتى النساء ، ويسمى التحلل الثاني أو الأكبر .
ويتوجه القول بأن الحاج إذا رمى جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء ، وهوأصح قولي الفقهاء ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : طيبت رسول الله بيدي حين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت رواه أحمد وغيره ، وهو رواية في مذهب أحمد ، واختيار الإمام ابن قدامة رحمه الله ، وسمعت العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه يفتي بذلك .
***إذا جامع المحـــــرم :
ومن جامع قبل التحلل الأول فعليه أربعة أمور :
الأول : فساد النسك .
الثاني : المضي في فاسده ، فيكمل حجه كأنه غير فاسد .
الثالث : وجوب القضاء ثاني عام .
الرابع : عليه أن يذبح بدنه ويوزع لحمها على فقراء الحرم .
عن عمر وعلي وأبي هريرة أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم الحج ، فقالوا ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما ، ثم عليهما حج قابل والهدي ) وعن ابن عباس رضي الله عنهما انه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنه ) رواهما مالك في الموطأ .
ومن جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني :
فهو مخير بين ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد من البر أو صاع مما سواه ، وعليه إن يخرج إلى أقرب الحل ، فيحرم منه لطواف الإفاضة ، إلا إن كان قد طاف طواف الإفاضة ورمى ولكنه جامع قبل الحلق أو التقصير فلا حاجة ليجدد إحرامه .
ومن جامع قبل تمام العمرة فعليه شاة .
***المبيت بمنى ليالي التشريــــق :
ثم تعود إلى منى لتبيت بها ثلاث ليالي ، أو ليلتين إن تعجلت ، والواجب أن تبيت معظم الليل ـ أكثر من نصفه ـ في منى ، ليلة الحادي عشر من ذي الحجة ، وليلة الثاني عشر من ذي الحجة ، ذلك إن تعجلت في يومين ، وليلة الثالث عشر من ذي الحجة إن تأخرت ، وهذه الأيام الثلاثة تسمى أيام التشريق ، وهي التي قال الله عنها ( واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى ) .
والدليل على وجوب المبيت بمنى حديث ابن عباس رضي الله عنهما ( استأذن العباس رسول الله أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له ) متفق عليه ويدل إذنه للعباس رضي الله عنه ، على أنه واجب على غير أهل الأعذار .
رمي الجمار أيام التشريـــــق :
ويجب عليك أن ترمى الجمار في أيام التشريق ، ووقت رميها في هذه الأيام ، من زوال الشمس إلى طلوع الفجر ، قال جابر رضي الله عنه ( ورمى بعد يوم النحر في سائر أيام التشريق إذا زالت الشمس ) رواه مسلم .
فتبدأ بالجمرة الصغرى فترميها بسبع حصيات ، تكبر مع كل حصاة ، حتى تقع الحصاة في الحوض ، وتحاول أن تستقبل القبلة مع استقبال الجمرة حال الرمي ، فإن لم تستطع فاستقبل الجمرة وهذا يكفي ، ثم اجعلها عن يسارك وتأخر للدعاء ، وأطل فيه ، لان النبي أطال الدعاء في هذا الموضع ، ثم انطلق إلى الجمرة الوسطى ، فافعل مثل ما فعلت عند الصغرى ، ولكن اجعلها عن يمينك وابتعد قليلا عن الزحام وأطل في الدعاء ، ثم انطلق إلى الجمرة الكبرى ، فارمها بسبع حصيات من جهة الحوض ليقع الحصى فيه ، ولاتقف عندها للدعاء فإن النبي لم يفعل ذلك .
ويجب أن يكون الرمي على هذا الترتيب ، الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ، فإن أخللت بالترتيب ، أعــد الرمي .
فإن شق عليك أن ترمي كل يوم ، بسبب كبر السن أو المرض أو الإعياء أو شدة الزحام أو طبيعة عملك في الحج ونحو ذلك ، جاز لك أن تجمع رمي يومين في يوم ، فترمي في اليوم الثاني ، أولا رمي اليوم الأول ، حتى تنتهي من الصغرى فالوسطى فالكبرى ، ثم تعود فترمي رمي اليوم الثاني الصغرى فالوسطى فالكبرى ، أو تجمعها كلها في اليوم الثالث ، إن لم تتعجل في يومين ، فترمي في هذه الحالة بالترتيب وفق النية ، تبدأ برمي اليوم الأول حتى تنتهي منه ، ثم تعود إلى الصغرى فترمي بينة اليوم الثاني ، ثم الثالث هكذا .
***التعجل والتأخـــر :
ويجوز لك أن تتعجل في يومين ، فإذا رميت الجمار ثاني أيام التشريق ، تطوف طواف الوداع قبل أن تغادر مكة ، والأفضل أن تتأخر ، فتبيت بمنى ليلة الثالث عشر من ذي الحجة وهو آخر أيام التشريق ، وترمي الجمرات بعد الزوال يوم الثالث عشر من ذي الحجة ، ثم تطوف طواف الوداع قبل أن تغادر .
ويشترط لمن عزم على التعجل في يومين أن يرمي الجمرات في اليوم الثاني قبل غروب الشمس ثم يخرج من منى ، فإن بات بها ، أو أدركه الليل وهو فيها ، وجب عليه أن يأتي برمي اليوم الثالث بعد الزوال فيتأخر ، ولابأس إن حبس بسبب الزحام حتى أدركه الغروب وهو في منى بغير اختياره ، فليرم وينفر إن شاء التعجل لانه معذور
***طواف الوداع :
ولا يجب عليك طواف الوداع إلا إذا عزمت الخروج من مكة ، فإن أردت البقاء فيها ، فإنك تؤخره إلى أن تعزم على مغادرتها .
ولا يجوز لك أن تنشغل بشيء بعد طواف الوداع ، بل تبادر إلى مغادرة مكة ، إلا أن تنتظر صحبة تلحق بك ، أو تشتري حاجاتك في طريقك ونحو ذلك .
والحائض يسقط عنها طواف الوداع ، فإذا انهت رمي الجمار ، فلها أن تسافر ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال ( أمر الناس أن يكون أخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ) متفق عليه .
ويجوز لمن أخر طواف الإفاضة أن يطوفه وينوي به طواف الإفاضة والوداع ، طوافا واحد ، ويغادر ، حتى لو كان عليه سعي بعد الطواف ، لان ذلك لا يخالف قول النبي في الحديث السابق فالسعي متعلق بالبيت أيضا .
***فوات الحـــج :
ومن أدركه من الحجاج طلوع فجر يوم النحر ، ولم يقف بعرفة ولو للحظة ، فقد فاته الحج ، وانقلب إحرامه عمرة ، فيطوف ويسعى ويتحلل ، ويقضى من العام القادم ، ويذبح هديا في قضاءه ، إلا إذا كان قد اشترط فلاهدي عليه ولاقضاء .
***الاحصـــار :
ومن منع مانع عن إتمام حجه قبل أن يحرم بالنسك رجع ولاشيء عليه .
وإن كان بعد إحرامه وقد اشترط قائلا عند إحرامه ( ومحلي حيث حبستني ) حل من إحرامه ولبس ثيابه ولاشيء عليه .
وإن لم يكن قد اشترط ، فإن حبس عن الحج كله ولا يستطيع أن يصل إلى البيت ، ذبح هديا في المكان الذي حصر فيه ، أو بعث به إلى الحرم ، ثم حلق أو قصر وصار حلالا .
وهذا هو الإحصار ، وأصح قولي العلماء أن الحاج يصير محصرا يجوز له تحلل المحصر سواء احصر بعدو وغيره كالمرض وذهاب النفقة .
فإن لم يجد هديا في موضعه الذي أحصر فيه ، أناب من يذبح عنه الهدي في الحرم ثم حل ، فإن كان فقيرا لا يقدر على ذبح الهدي ، صام عشرة أيام ثم حل في قول الجمهور ، والصحيح لاشيء عليه ، فيحلق أو يقصر وقد حل .
ومن حبس عن عرفة فقط ، ذهب إلى البيت وتحلل بعمرة ولاشيء عليه ، إن كان قبل الفوات ، وإن كان تحلله بعمرة بعد الفوات ، فعليه القضاء .
وإن وقف بعرفة وحصر عن إتمام بقية الحج ، يذبح هديا بنية التحلل ويحلق أو يقصر، ويكون بذلك قد حل من إحرامه كمن احصر عن الحج كله .
***صيد مكــــــــة :
ويحرم صيد مكة على الحاج وغيره ، فكل ما يحرم صيده حال الإحرام ، يحرم صيده في حدود الحرم المكي ، وكذلك الحرم المدني .
ولا يجوز قطع شجر الحرم وحشيشه ، اللذين لم يزرعهما الآدمي .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال يوم فتح مكة ( إن هذا البلد حرام لا يعضد شوكه ولايختلى خلاه ولا ينفر صيده وتلتقط لقطته إلا لمعرف ) متفق عليه ، ومعنى لا يعضد شوكه أي لا يقطع الشجر الذي فيه شوك ، والمقصود لا يقطع كل الشجر حتى الذي فيه شوك ، ومعنى يختلى خلاه أي لا يقطع الحشيش الرطب منه ، دون اليابس فيجوز ، وكذلك رعي الأنعام يجوز مطلقا لان النبي وأصحابه لم يكمموا أفواه ما معهم من النعم في الحرم .
ومعنى لا تلتقط لقطته إلا لمعرف ، أن من وجد في الحرم لقطة وجب عليه أن يعرفها أبدا ، وأما في غير الحرم فيعرفها سنة ثم يأخذها إن لم يأت صاحبها ، فإن جاء يوما من الدهر ، دفعها إليه أو دفع ثمنها إن طلبها صاحبها .
***زيارة المدينة المنـــــورة :
ويستحب للحاج أن يغتنم فرصة وجوده بمكة ، فيكثر من الطواف في البيت ، ويزداد من الصلاة في المسجد الحرام ، فعن جابر رضي الله عنه قال ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه ) رواه أحمد وابن ماجة
ويستحب له أن يصلي داخل الكعبة إن استطاع ، أو في الحجر فإنه من الكعبة.
وأن يحمل معه من ماء زمــــزم
زيارة المسجد النبوي وإحـــذر الشرك ووسائله :
وزيارة المسجد النبوي سنة مستحبة ، ولكن لاتعلق لها بمناسك الحج ، وكل ما ورد من أن الحج لا يقبل بغير زيارة قبر الرسول ، أو أن ذلك جفاء له ، مثل ما يروى ( من حج فلم يزرني فقد جفاني ) ، كل ذلك لا يصح و لاتقوم به حجة .
ولا يجوز أن ينوي المسافر إلى المدينة شد الرحال إلى قبر النبي لقوله ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا ) متفق عليه من حديث أبي هريرة .
ولكن ينوي زيارة مسجد النبي ، وله أن يزور القبر الشريف مصليا ومسلما على النبي ، ومسلما على صاحبيه رضي الله عنهما ، وله أن يدعو الله تعالى عند الزيارة مع استقبال القبلة ، ولا يستقبل الحجرة التي فيها القبر حال الدعاء ، ولا يجوز لاحد أن يدعو عبدا من دون الله تعالى ، لاملكا مقربا ، ولانبيا مرسلا ، قال تعالى ( وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا ) .
ولا يجوز سؤال الشفاعة إلا من الله تعالى ، قال تعالى ( قل لله الشفاعة جميعا ) ، فيقول الزائر ( اللهم ارزقني شفاعة نبيك ) ونحو ذلك .
ولا يجوز التبرك بجدران الحجرة التي فيها القبر الشريف ، ولا بشيء من قبور الصالحين وآثارهم ، فذلك بدعة ضلالة ، وقد قال ( وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ) رواه الترمذي وأبو داود .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق