الأربعاء، 10 أكتوبر 2012

تحسين المواقع

تحسين المواقع|
منذ أكثر من عشر سنوات ركبت إحدي حافلات النقل العام الداخلى ، وكانت الحافلة مكتظة بالركاب كالعادة ، وإذا بأحد الركاب يندفع من الخلف إلى الأمام يزاحم الركاب فيدفع هذا ، ويضغط بجسده على هذا فقال له أحدهم : هل ستنزل في المحطة التالية ؟ فإذا بالرجل يرد بإجابة غير متوقعة وفي غاية الطرافة قال : لا لن أنزل في المحطة التالية ولكنها عملية تحسين مواقع !!
انتبهت على إجابة الرجل الذكية .. أعجبتنى وأدهشتني !! كم من المواقف في حياتك اليومية يمكن أن تلقنك درسًا ، أو تزيدك علمًا ، وهذا أحد هذه المواقف .. إن أقوامًا كثيرين في هذه الحياة يودعون الحياة وهم على الحال التى استقبلوها فيه ، فهم متجمدون متيبّسون لا يبارحون مواقعهم ، تنمو الخلائق من حولهم وهم قد توقف نموهم !! والذي يزيدك دهشة أنك تراهم يضحكون ويمرحون ، لا يؤرقهم أو يزعجهم أن يومهم وأمسهم سواء .
تعلمت من ذلك الرجل أن هناك شيئًا اسمه " تحسين المواقع " وقلت في نفسي : إذا كان هذا الرجل حريصًا على تحسين موقعه داخل حافلة لمدة نصف ساعة أليس الأجدر بنا أن نحسن مواقعنا في هذه الدنيا فترة بقائنا فيها ؟! أليس الأجدر أن نحرص على تحسين مواقعنا في الآخرة ؟!
لأجل ذلك نشط العلماء فأسسوا علم " التنمية البشرية " لكي ينمي الإنسان عقله بالمعرفة والثقافة وروحه بالإيمان وقلبه بالتقوى ونفسه بالتزكية ، وجوارحه بالمهارات والقدرات حتى يكون في عداد المتنافسين " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون " ولكي يسجل اسمه في قائمة الطامحين .
شباب قنّع لا خير فيهم .. وبورك في الشباب الطامحينا
ولنعلم جميعًا أننا مهما بلغنا في السعي والترقي فإن ذلك سيزيدنا تواضعًا ، وصدق الأستاذ عباس العقاد حين قال : نحن نتعلم لا لنقترب من نقطة العلم ، ولكن لنتبعد من نقطة الجهل .
نعم لأن بحر العلم عميق ، وسواحله بعيدة .. فيا من يريد أن يسبح في بحار المعرفة ، ويحلق في آفاق الرقي ، ويصعد في مدارج السالكين ، ويضع بصمته على صفحة هذه الحياة ، احرص على تحسين موقعك وتطوير ذاتك من خلال حضور مثل هذه الدورات والانتفاع بها ، وليكن بناؤك لشخصيتك وإعادة تكوينها وتقويتها هو البداية الجادة والخطوة الأولى في هذا الطريق ، ولنحرص على أن يصدق العلم العمل .

وفقكم الله وسدد خطاكم
اللهم اجعل عملنا كله صالحًا ، واجعله لوجهك خالصًا ، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا ، وارزقنا العلم والعمل جميعا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق