السبت، 14 يونيو 2014

زيــــــــد الخــــــــير

قصة أحداثها رائعة ستشعر بالمتعة من خلالها
......( زيــــــــد الخــــــــير )......
الناس معادن ، خيارهم في الجاهليه خيارهم في الاسلام ، فاليك صورتين لصحابيجليل خطت اولاهما يد الجاهليه وابدعت اخراهما انامل الاسلام
ذلك الصحابي هو ( زيد الخيل ) كما كان يدعوه الناس في الجاهليه .. و ( زيد الخير ) كما دعاه الرسول الكريم بعد اسلامه
اما الصوره الاولى فترويها كتب الادب فتقول ..
حكى الشيباني عن شيخ من بني عامرٍ قال : اصابتنا سنة مجدبه هلك فيها الزرع و الضرع ، فخرج رجل منا بعياله الى الحيره وتركهم فيها
وقال لهم : انتظروني هنا حتى اعود اليكم ، ثم اقسم الا يرجع اليهم الا اذا كسب لهم مالا ، او يموت ، ثم تزود زادا ومشى يومه كله حتى اذا اقبل الليل وجد امامه خباءً ( خيمه ) وبالقرب من الخباء مهر مقيد
فقال : هذا اول الغنيمه ، وتوجه اليه وجعل يحل قيده ، فما ان هم بركوبه حتى سمع صوتا يناديه : خل عنه واغنم نفسك ، فتركه ومضى
ثم مشى سبعة ايام حتى بلغ مكانا فيه مراح للابل ، وبجانبه خباء عظيم فيه قبة من ادم ( الادم : الجلد ) تشير الى الثراء والنعمه
فقال الرجل في نفسه : لابد لهذا المراح من ابل ، ولابد لهذا الخباء من اهل ثم نظر في الخباء وكانت الشمس تدنو من المغيب فوجد شيخا فانيا في وسطه ، فجلس خلفه ، وهو لايشعر به وماهو الاقليل حتى غابت الشمس واقبل فارس لم ير قط فارس اعظم منه ولا اجسم قد امتطى صهوة جوادٍ عالٍ وحوله عبدان يمشيان عن يمينه وعن شماله ، ومعه نحو مائة من الابل ، وامامها فحل كبير ، فبرك الفحل ، فبركت حوله النوق ..
وهنا قال الفارس لاحد عبديه : احلب هذه واشار الى ناقة سمينه واسق الشيخ ، فحلب منها حتى ملأ الاناء ، و وضعه بين يدي الشيخ
وتنحى عنه ، فجرع الشيخ منه جرعة او جرعتين وتركه ..
قال الرجل : فدببت نحوه متخفيا واخذت الاناء وشربت كل مافيه ، فرجع العبد و اخذ الاناء ..
وقال : يامولاي لقد شربه كله ، ففرح الفارس وقال : احلب هذه واشار الى ناقه اخرى .. وضع الاناء بين يدي الشيخ ، ففعل العبد ما امر به ، فجرع منه الشيخ جرعة واحده وتركه فأخذته وشربت نصفه وكرهت ان اتي عليه كله حتى لا اثير الشك في نفس الفارس
ثم امر الفارس عبده الثاني بان يذبح شاة ، فذبحها فقام اليها الفارس وشوى للشيخ منها واطعمه بيديه حتى اذا شبع جعل ياكل هو
و عبداه .. وماهو الا قليل حتى اخذ الجميع مضاجعهم ، وناموا نوما عميقا له غطيط ( شخير )
عند ذلك توجهت الى الفحل فحللت عقاله وركبته ، فاندفع وتبعته الابل ومشيت ليلتي فلما اسفر النهار نظرت في كل جهة فلم ار احدا
يتبعني فاندفعت في السير حتى تعالى النهار ثم التفت التفاته فاذا بشييءٍ كانه نسر او طائر كبير ، فما زال يدنوا منى حتى تبينته فاذا هو فارس على فرس ، ثم ما زال يقبل علي حتى عرفت انه صاحبي جاء ينشد ابله عند ذالك عقلت الفحل (ربطته) واخرجت سهما من كنانتي ووضعته في قوسي وجعلت الابل خلفي فوقف الفارس بعيدا ..وقال لي : احلل عقال الفحل ..
فقلت : كلا .. ثم قالت : لقد تركت ورائي نسوة جائعات ( بالحيره ) واقسمت الا ارجع اليهن الا ومعي مال او اموت
قال : انك ميت .. احلل عقال الفحل لا ابا لك
فقلت : لن احله
قال : ويحك ، انك لمغرور
ثم قال : دل زمام الفحل .. وكانت فيه ثلاث عقد ثم سالني في اي عقدةٍ منها اريد ان يضع لي السهم ، فأشرت الى الوسطى
فرمى السهم فادخله فيها حتى كأنما وضعه بيده ، ثم اصاب الثانيه و الثالثه
عند ذلك اعدت السهم الى الكنانه و وقفت مستسلما ، فدنا منى و اخذ سيفي و قوسي
وقال : اركب خلفي ، فركبت خلفه فقال : كيف تظن اني فاعل بك ؟
فقلت : اسواء الظن ، فقال : ولم ؟!
قلت : لما فعلته بك ، وما انزلت بك من عناء وقد اظفرك الله بي
فقال : اوتظن اني افعل بك سواء وقد شاركت ( مهلهلا) يعني اباه .. في شربه وطعامه ، ونادمته تلك الليله ؟!!
فلما سمعت اسم مهلهل قلت : ازيد الخيل انت ؟ قال : نعم
فقلت : كن خير آسر ، فقال : لا بأس عليك ، ومضى بي الى موضعه
وقال : والله لو كانت هذه الابل لي لسلمتها اليك ، ولكنها لاخت من اخواتي ، فأقم عند اياما فاني على وشك غارة قد اغنم منها
وماهي الا ايام ثلاثه حتى اغار على بني ( نمير ) فغنم قريبا من مائة ناقه فأعطاني اياها كلها ، وبعث معي رجالا من عنده
يحمونني حتى وصلت ( الحيره )
تلك كانت صورة زيد الخيل في الجاهليه ، اما صورته في الاسلام فتجلوها كتب السيره فتقول ..
لما سمع زيد الخيل بالنبى صلى الله عليه وسلم ، و وقف على شيئ مما يدعو اليه ، اعد راحلته ، ودعا الساده الكبراء من قومه الى زيارة ( يثرب ) ولقاء النبي عليه الصلاة والسلام ، فركب معه وفد كبير من ( طيئ ) ، فلما بلغوا المدينه توجهوا الى المسجد النبوي الشريف ، و اناخوا ركائبهم ببابه
وصادف عند دخولهم ان كان الرسول صلوات الله عليه يخطب المسلين من فوق المنبر ، فراعهم كلامه ، و ادهشهم تعلق المسلمين
به وانصاتهم له ، وتاثرهم بما يقول ولما ابصرهم الرسول عليه الصلاة والسلام
و وقع كلام الرسول صلوات الله عليه في نفس زيد الخيل فلما انتهى الرسول صلوات الله عليه من خطبته ، وقف زيد الخيل بين جموع المسلمين وكان من اجمل الرجال جمالا ، و اتمهم خلقة و اطولهم قامه .. حتى انه كان يركب الفرس فتخط رجلاه على الارض كما لو كان راكبا حمارا
وقف بقامته الممشوقه واطلق صوته الجهير ..
وقال : يا محمد ، اشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله فأقبل عليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وقال له : ( من انت ؟) قال : انا زيد الخيل بن مهلهل
فقال له الرسول صلوات الله عليه : ( بل انت زيد الخير ، لازيد الخيل .. الحمدلله الذي جاء بك من سهلك وجبلك ، ورقق قلبك للاسلام )
فعرف بعد ذلك بزيد الخير ، ثم مضى به الرسول عليه الصلاة والسلام الى منزله ، ومعه عمر بن الخطاب وجمع من الصحابه ، فلما بلغوا البيت طرح الرسول صلوات الله عليه لزيد متكأ ، فعظم عليه ان يتكئ في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم ورد المتكأ ومازال يعيده الرسول صلى الله عليه وسلم له وهو يرده ثلاثا .. ولما استقر بهم المجلس
قال الرسول صلى الله عليه وسلم لزيد الخير .. ( يازيد ، ماوصف لي رجل قط ثم رايته الا كان دون ماوصف به الا انت )
ثم قال : "يا زيد، إن فيك خصلتين، يحبهما الله ورسوله"
قال : (وما هما يا رسول الله ؟)
قال : "الأناة والحلم"
فقال زيد الخير وكله أدب: ( الحمد لله الذي جعلني على ما يُحب الله ورسوله)
ثم التفت الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : اعطني يا رسول الله ثلاثمائة فارس ، وانا كفيل بان اغير بهم على بلاد الروم وانال منهم
فأكبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم همته هذه ، وقال له : ( لله درك يا زيد .. اي رجل انت ؟!)
ثم اسلم مع زيد جميع من صحبه من قومه ، ولما هم زيد بالرجوع هو ومن معه الى ديارهم في (نجد) ودعه النبي صلوات الله عليه
وقال : ( اي رجل هذا ؟!..سيكون له من الشأن لو سلم من وباء المدينه !!) وكانت المدينه المنوره آنذك موبؤه بالحمى ، فما ان بارحها زيد الخير ، حتى اصابته .. فقال لمن معه ..
جنبوني بلاد قيس، فقد كانت بيننا وبينهم حماقات من حماقات الجاهلية ،ولا والله لا أقاتل مسلما حتى ألقى الله عز وجل ،
تابع زيد الخير سيره نحو ديار اهله في ( نجد ) على الرغم من ان وطأة الحمى كانت تشتد عليه ساعة بعد اخرى ، فقد كان يتمنى ان يلقى قومه و ان يكتب الله لهم الاسلام على يديه ، وطفق يسابق المنيه و المنيه تسابقه ، لكنها مالبثت ان سبقته فلفظ انفاسه الاخيره في بعض طريقه ، ولم يكن بين اسلامه وموته متسع لان يقع في ذنب رضي الله عنه واسكنه فسيح جناته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق