الخميس، 22 مارس 2012

*لحظة الصمت فى الأصل هى صلاة دينية لطائفة تسمى Quakers * *دقيقة الحداد أو لحظة الصمت هى صلاة طبقاً للمفهوم الغربى و خصوصاً الأمريكى تقوم الجمعيات المعنية بالحريات الدينية بمكافحته بشتى الطرق القانونية حتى مستوى المحكمة العليا وتسرى المكافحة على المدارس و المؤسسات و حتى الملاعب الرياضية* *كل الفتاوى المنشورة المعتمدة تحرم هذا العمل * *أما بخصوص البطريرك الراحل فليس هناك إجماع على مايقال عنه حتى داخل الطائفة الأرثوذكسية نفسها * *فمن حق نواب حزب النور و من نحى نحوهم سواءاً إستندوا إلى رأى شرعى أو موقف سياسى أن لا يشاركوا فى تكريم البطريرك المتمثل فى دقيقة الحداد.* ** *دقيقة الحداد بين الشرع و السياسة*** إن السمة الغالبة على الفترة الحالية أن الإسلاميين يُضطرون لشرح مواقفهم أو تبرير أفعالهم فيواجهوا برد فعل إستنكارى شديد وفى النهاية يُتهموا بأنهم يُثيرون قضايا فى الوقت غير المناسب و لسنا بحاجة إليها و تسببت فى جرح مشاعر جهات أخرى فى المجتمع. و الأمثلة على ذلك كثيرة و آخرها الوقوف دقيقة حداداً فى مجلس الشعب على روح بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الراحل. فهل كان موقف أعضاء حزب النور و من نحى نحوهم دينياً أم سياسياً أم الإثنين معاً ؟ فهل أخطأ نواب حزب النور بعدم المشاركة ؟ و هل دقيقة الحداد هذه عبادة أم عادة ؟ و هل هم الوحيدين الذين يرونها عملا دينيا؟ ولا يكتمل البحث فى هذه المسألة إلا بالرجوع لمن إخترعها لسببين. أولاً لنعرف ماهيتها و ظروفها و الثانى إلى من لا يؤمن إلا بما جاء من الغرب مهد و أب الليبرالية و العلمانية. *ماهى الدقيقة الحداد* : هى عادة غربية صرفة أصلها الإنجليزى "Moment of silence" أى الترجمة الحرفية لها هى لحظة صمت و ليست دقيقة حداد كالترجمة المشهورة. ولحظة الصمت فى الغرب لا تعنى فقط لحظة حداد على الموتى فقط. و لكنها فى الحقيقة "لحظة صلاة" يقوم بها الناس فى المدارس و العمل و أحياناً عند بدأ الإجتماعات. *التعريف الدقيق للحظة الصمت : *لحظة الصمت هى وقوف الناس بدون حركة للصلاة أو العبادة أو الدعاء أو التأمل. فهناك لحظات صمت قبل اليوم الدراسى فى بعض الدول و المدارس و قبل نشاط معين أو أثنائه فهى ليست مقصورة على حالات الوفاة فقط.** *الأصل التاريخى للحظة الصمت *: لحظة الصمت فى الأصل هى صلاة دينية لطائفة تسمى Quakers نشأت فى منتصف القرن السابع عشر فى إنجلترا و إنفصلت عن الكنيسة الإنجليزية و دعت لممارسة الصلاة بحسب المسيحيين الأوائل كما يعتقدون . فهذه الطائفة لديها نوعان من الصلوات. الأولى تسمى " Programmed worship" أى صلاة مرتبة حيث تبدأ بكلمة معدة مسبقاً ثم يتبعها "لحظة صمت". أما الصلاة الأخرى فتسمى " Waiting worship" أو " UnProgrammed worship" حسب معتقداتهم هذه هى الصلاة الصحيحة للمسيحيين الأوائل حيث سيخطط الله وحده لما سيحدث أثناء الصلاة. فتبدأ الصلاة صامتة كلٌ يصلى فى صمت وعندما يشعر أحدهم أن “Holy Spirit” الروح القدس حلت فيه يبدأ بالكلام. وحسب معتقدهم فإن المتحدث هو الروح القدس و ليس الشخص المتكلم. *إنتشار صلاة لحظة الصمت خارج الطائفة* : عند هجرة بعض أعضاء طائفة Quakersإلى أمريكا أخصوصا فى بنسلفانيا إعتادوا على إقامة صلوات صامتة مع بعض قبائل الهنود الحمر المعروفة ب Lenape Indians. وبعدها إنتشر هذا النوع من الصلاة المجمع الغير طائفى فى أنحاء أمريكا ومنها إلى العالم. *أشهر صلوات الصمت *: يقوم العديد من البشر من مختلف الديانات فى دول الكومنوليث بصلاة صمت لمدة دقيقتين كل عام فى تمام الساعة الحادية عشر صباح يوم 11نوفمبر من أجل ضحايا الحرب من المدنيين و العسكريين. وفى إسرائيل هناك يوم لتخليد ذكرى ضحايا الهولوكوست يسمى Yom Hazikaron فى الثامنة مساءاً تطلق السرينة فى كافة أنحاء البلاد فتتوقف الحياة لمدة دقيقتين حتى قائدى السيارات يترجلون للصلاة للقتلى اليهود العسكريين و المدنيين. *الجدل الأمريكى حول صلاة الصمت *: فى عام 1962 قضت المحكمة العليا الأمريكية بعدم دستورية قيام أى مدرسة أو منشأة أو تجمع بالدعوة إلى لحظة صمت لتعارضه مع التعديل الأول للدستور الأمريكى و للحقوق المدنية و الدينية. و أكدت المحكمة العليا أيضاً ذلك فى سنة 1985 و حكمت بعدم دستورية قانون لحظة الصمت فى ولاية ألاباما. وتقوم جماعات حقوقية كثيرة بمكافحة و مطاردة أى قانون أو منشأة تقوم بلحضات صمت لأنهم ببساطة يؤمنون أنها صلاة دينية "متخفية". *الخلاصة : دقيقة الحداد أو لحظة الصمت هى صلاة طبقاً للمفهوم الغربى و خصوصاً الأمريكى تقوم الجمعيات المعنية بالحريات الدينية بمكافحته بشتى الطرق القانونية حتى مستوى المحكمة العليا وتسرى المكافحة على المدارس و المؤسسات و حتى الملاعب الرياضية*. إذاً هى فعل دينى ينبغى أن نعرضه على الشرع الحنيف لنتبين مدى مشروعيته. *الحكم الشرعى فى دقيقة الحداد* : كل الفتاوى المنشورة المعتمدة تحرم هذا العمل من وجهين أساسيين عامةً وواحد خاص بغير المسلمين : · الحداد عامةً و دقيقة الحداد خاصة حرام شرعاً لم يفعله رسول الله (ص) ولا الصحابة و لا السلف الصالح · دقيقة الحداد خاصة فيها تشبه بأهل الكتاب و أى تشبه بهم فهو محرم منهى عنه مطلقاً · أما الوقوف دقيقة حداد و قراءة الفاتحة أو سؤال الرحمة لغير المسلم فحرام قطعاً ومن هنا نرى أن الأحكام الشرعية مدعومة أيضاً بالمفهوم الغربى للعمل سواءاً أنه عمل دينى كما يرى الأمريكيين أو أنه عمل من أصول دينية كما يرى الآخرين. *دقيقة الحداد على البطريرك من الناحية السياسية* : عامةً لا يوجد إجماع على أى شخص مهما كان. و إذا كان الوقوف دقيقة حداداً نوع من التكريم يرى البعض أنه لايستحقه فهذا حقه الشرعى. وكم نرى فى مناسبات رياضية أن مشجعى الفريق المنافس لا يصمتون و لا يحترمون دقيقة الحداد إما على ضحايا الفريق الآخر أو الدولة الأخرى. فعدم المشاركة أيضاً هو نوع من الإعتراض السياسى المعترف به عالمياً. *أما بخصوص البطريرك الراحل فليس هناك إجماع على مايقال عنه حتى داخل الطائفة الأرثوذكسية نفسها فهناك الكثير و الكثير جداً من الإعتراضات على طريقة إدارته و قراراته الدينية التى تضرر منها الكثير من المسيحيين خصوصاً فى موضوع الطلاق* . أما بخصوص المسلمين و الإسلاميين حتى من يصنفوا فى خانة الإعتدال مثل الدكتور محمد عمارة و المستشار البشرى و المفكر سليم العوا فقد أفاضوا فى شرح سياسة البطريرك التى تتنافى مع كل ما يمدح به الآن بل يتهمونه بعكس مايقال الآن عنه تماماً. ويشهد التاريخ أن أول حادثة طائفية فى العصر الحديث كانت بعد توليه البطريركية بسنة و أثناء إستعداد مصر لحرب 73 وهى حادثة الخانكة الشهيرة. لم يقل أحداً حتى الآن للبطريرك "هوه ده وقته". و قد أدانت لجنة العطيفى البطريرك من عدة نواحٍ أقلها أنه حث رجال الدين على الذهاب إلى مدينة الخانكة بناءاً على معلومات خاطئة. ويشهد التاريخ أيضاً أنه لم تقوم حادثة طائفية واحدة نتيجة إسلام أى مسيحى أو مسيحية إلا فى عهد البطريرك الراحل. ففى الوقت الذى تحول معظم المصريين إلى الإسلام خلال القرون الماضية لم يثر إسلام رجل أو إمرأة ما أثاره البطريرك من جدل بالإصرار على مخالفة القانون و مكافحة إسلام زوجات الكهنة بحبسهن وهناك حالتين مؤكدتين ليس فيهما شك أو إختلاف و هما مارى عبده ووفاء قسطنطين. فمن حق نواب حزب النور و من نحى نحوهم سواءاً إستندوا إلى رأى شرعى أو موقف سياسى أن لا يشاركوا فى تكريم البطريرك المتمثل فى دقيقة الحداد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق